اسحاق بن عمران
طبيب بغداديّ الولادة والنشأة والدراسة، مسلم النحلة وأن توهّم بعضهم أنه يهودي لما في اسمه من الشبه بالألقاب الإسرائيلية.
يعتبر اسحاق بحق أول طبيب أفريقي يستحق هذا النعت بكل ما في معناه من علم واسع، وحذق بالصناعة العلمية، وخبرة تامة بأصول الأوائل وأقوال الفلاسفة من اليونانيين وغيرهم، وإحاطة شاملة بما وصلت إليه العلوم العقلية من رقي وتقدّم في مهد الحضارة العباسية في بغداد.
ومن دواعي الأسف إننا لا نعلم عن دراسته الأولى، وتلقيه الفلسفة والطب وعلوم الطبيعة إلا القليل التافه، لكن ما وصل إلينا من مصنفاته يجعلنا نجزم بقيمة ثقافته العالية وملكاته الواسعة، ولا نشك أنه قرأ في حداثته على حكماء أعلام في بغداد، وقد بلغت مدرستها الطبية وقت إذ أقصى حدود المعرفة، ومن الجائز جدا أنه أخذ من بختيشوع ابن جبرائيل، وحنين بن اسحاق العبادي، ومن كان في طبقتهما ، و كان في أثناء دراسته يختلف إلى "بيت الحكمة" العباسي، الأمر الذي سمح له بعد حين بالانتصاب لمباشرة الصناعة الطبية في دار السلام، وقد اشتهر فيها وفي ضواحيها باسم "سم ساعة" وكأنها إشارة لما يظهر من سرعة تأثير الادوية التي كان يصفها للمرضى، وإن نعلم أنه في أول أمره كان يختلف إلى مدينة "سر من رأى" (سماراء) وما جاورها من القرى والمنازل لمعالجة حرفائه.
طبيب بغداديّ الولادة والنشأة والدراسة، مسلم النحلة وأن توهّم بعضهم أنه يهودي لما في اسمه من الشبه بالألقاب الإسرائيلية.
يعتبر اسحاق بحق أول طبيب أفريقي يستحق هذا النعت بكل ما في معناه من علم واسع، وحذق بالصناعة العلمية، وخبرة تامة بأصول الأوائل وأقوال الفلاسفة من اليونانيين وغيرهم، وإحاطة شاملة بما وصلت إليه العلوم العقلية من رقي وتقدّم في مهد الحضارة العباسية في بغداد.
ومن دواعي الأسف إننا لا نعلم عن دراسته الأولى، وتلقيه الفلسفة والطب وعلوم الطبيعة إلا القليل التافه، لكن ما وصل إلينا من مصنفاته يجعلنا نجزم بقيمة ثقافته العالية وملكاته الواسعة، ولا نشك أنه قرأ في حداثته على حكماء أعلام في بغداد، وقد بلغت مدرستها الطبية وقت إذ أقصى حدود المعرفة، ومن الجائز جدا أنه أخذ من بختيشوع ابن جبرائيل، وحنين بن اسحاق العبادي، ومن كان في طبقتهما ، و كان في أثناء دراسته يختلف إلى "بيت الحكمة" العباسي، الأمر الذي سمح له بعد حين بالانتصاب لمباشرة الصناعة الطبية في دار السلام، وقد اشتهر فيها وفي ضواحيها باسم "سم ساعة" وكأنها إشارة لما يظهر من سرعة تأثير الادوية التي كان يصفها للمرضى، وإن نعلم أنه في أول أمره كان يختلف إلى مدينة "سر من رأى" (سماراء) وما جاورها من القرى والمنازل لمعالجة حرفائه.
في تلك الأثناء دعي من جانب الأمير ابراهيم الثاني إلى المجيء إلى إفريقية فنزح إليها سنة 264 هـ (887 م) وانضم إلى حاشية الأمير وخدمه مخلصا بعلمه وحرفته، فكان للطبيب اسحاق أوفر نصيب في نشر علوم الطب والفلسفة في افريقية على يديه . قال ابراهيم الرقيق :"كان اسحاق طبيبا حاذقا متميزا في تأليف الأدوية المركبة، بصيرا بتفرقة العلل أشبه الأوائل في علمه" وقال ابن جلجل : "وبه ظهر الطب (العلمي) بالمغرب، وعرفت الفلسفة" وقال صاعد الأندلسي :"وممن اشتهر بعلم الطب وسائر العلوم المستنبطة من العلم الطبيعي :اسحاق بن عمران وكان مقدما في جودة قريحته وصحة العلم وهو الذي ألف بين الطب والفلسفة بديار المغرب" وهي بعمر شهادات تقدير فائق من كبار مفكري العلوم الرياضية العارفين بقيم علماء عصره وما قبله.
وبالفعل تلقى عدد كبير من الافريقيين الفلسفة والطب عن اسحاق، نذكر من مشاهيرهم : ابنه (علي) المتزايد في القيروان، وزياد ابن خلفون، واسحاق بن سليمان الاسرائيلي الوافد بعد من مصر، وابو بكر محمد بن الجزار ، عم احمد الطائر الصيت وأبو سعيد الصيقل الفيلسوف وغيرهم، وهؤلاء الذين اشتهرت بهم (المدرسة القيروانية) للطب والحكمة.
وقد ألف اسحاق بن عمران أعدادا وافرة من الكتب في المادة الطبية وفي العلوم الطبيعية، وقد توصلنا إلى معرفة أسماء نحو الاثني عشرة منها، وكان تحريره لجميعها حين إقامته بافريقية، وقد قدّم جانبا منها إلى الأمراء الأغالبة، ومن الأسف الشديد أنه لم يصلنا من مصنفاته غير كتاب واحد، وهو "المانخوليا Melancolia " في وصف أمراض الوسواس" ويعرف أيضا بالمرض السوداوي وطريقة معالجته، يوجد منه نسخة فريدة في مكتبة مونيخ (بألمانيا)، ويقول ابن جلجل في حق هذا الكتاب : "لم يسبق إلى مثله" وقديما اعتنى الباحثون من الأطباء بهذا التصنيف المبتكر ونقلوا عنه، وفي القرن الحادي عشر للميلاد ترجم إلى اللغة اللاطينية لأهميته العظيمة.
وكانت وفاة اسحاق بن عمران – بل اغتياله على التحقيق – في سنة 294 أو 295 هـ (907 – 908 م) أي قبل انقراض دولة الأغالبة بقليل،نضجت في خلالها معلوماته ، وتنوّعت اختباراته وتجاربه، وقد قضى تلك المدة في تحرير مصنفات عديدة مفيدة، كما بث في اثنائها فن الطب وعلوم الطبيعة بين المتأهلين من أبناء البلاد، وبهذا الاعتبار يكون اسحاق المؤسس الأول للمدرسة الطبية في ربوع افريقية وما والاها، وكذا كان معاصره وصديقه (أبو اليسر الشيباني) المرشد المقدم في المادة اللسانية والأدبية لما خصهما الله به من العلم الواسع والقريحة النادرة والأخلاق الحميدة، فجزاهما الله عن أبناء تونس أوفي الجزاء.
0 التعليقات:
إرسال تعليق