الكتاتيب

الكتاتيب لفظ اصطلاحي مفرده كتاب فهو يطلق على المكاتب المعدة لحفظ القران العظيم بقطرنا، وهي محل الاهتمام من سائر اخواني المسلمين حيث تلقّن صغارنا دعامتنا الاسلامية – القران الشريف – وبعض متون التوحيد والفقه والعربية – كمتن الجوهرة في التوحيد، ومتن ابن عاشر في الفقه المالكي، ومتن الجزرية في التجويد، ومتن الاجرومية في النحو، وغير ذلك من درس فن رسم القران وتعلمي الخط. وذلك بواسطة اساتذة من الحفاظ الذين نسمّيهم المؤدبين، وهؤلاء يرجع نظرهم لشيخ عفيف منتخب من احسن الحفّاظ يلقّب بامين المؤدبين يراقبهم في صناعتهم بصفة رسمية.

ومداخيل المؤدبين تتجمع من الاموال التي دفعها لهم هؤلاء التلامذة في كل شهر كل بحسب مقدرته، واقل ما يكون فرنك، هذا بالحاضرة والمدن. اما ببعض القرى والبادية فيتجمع دخلهم من العوائد السنوية، والخميسية. فالعوائد السنوية هي عبارة عن أي يبعث اهل التلميذ بشئ من الحبوب في كل عام وشئ من الزيت ان كانت الجهة مشهورة بذلك، واما الخميسية فانه علاوة عن العوائد يجلب التلميذ في كل يوم خميس للمؤدب اربع بيضات دجاج وربع فرنك او اكثر. وتتجمع ايضا مداخيل المؤدبين عموما سواء الذين بالحاضرة او الذين بغيرها من الختمات الاتي بيانها، بحيث ان المؤدبين ليست لهم جراية شهرية من الدولة، ولهم ربع حبّسه عليهم ذوو الفضل من الاقدمين يوزع على مؤدبي الحاضرة كل عام، لكنه طفيف جدا. كما ان المنعم يوسف داي عودهم باحسان يوزع عليهم في المولد الشريف كل عام، وجرى شئ من ذلك في مدة المشير احمد باي. لكن لما جاءت وزارة الهمام المرحوم خير الدين باشا اصدرت قانونا في ضبط هذه الصناعة، وذلك سنة 1292هـ. ثم اصدر المقدّس علي باي امرا في سنة 1306هـ، الحق بمقتضاه نظر المكاتب القرانية لادارة العلوم والمعارف الفرنساوية – بتوسعة في الضبط لكن بدون اعتبار جراية لاحدهم او اعطائهم قانونا يسيرون عليه. وقد يبلغ عدد الكتاتيب بالحاضرة الى مائة وعشر كتاتيب، وبالاقليم كله الى نيّف وثلاث عشرة مائة كتّاب بها ما ينيف عن عشرين الف تلميذ. لم يبق الان منها النصف، ولا من التلاميذ الا النصف ايضا.

وهذه الكتاتيب ايضا هي عبارة اما عن بناءات خاصة اقامها ذوو البر والاحسان واوقفوها لهذا القصيد، او مساجد او غيرها وتكون مفروشة بالحصر، والمؤدب جالس متربع وحوله تلاميذه جلوسا مثله فيتلو كل تلميذ على المؤدب ما وصل اليه لوحة بالامس، فيزيده على ذلك املااء بالكلمة والتهجي (الهجاء) او بالجملة، او بالجمل، على حسب مقدرة التليمذ فيكتب ما يمليه عليه المؤدب على لوحته المطلية بالطفل الرمادي المجفف. حتى اذا اتم كل واحد على حدته كتابة لوحته اخذ يكرر قراءتها حتى تسهل عليه فيعمد للوجه الاخر فيكرر قراءته حتى يحفظه ويعرضه على المؤدب عشية، ويمحوه ويطليه من جديد بالطفل ويتركه الى الغد ريثما يجفّ، ويجدد كتابته بشئ اخر من الايات وهكذا. وقبل ان يطلق المؤدب سراح التلامذة صباحا يملي عليهم جميعا شيئا من متن من المتون يحفظونه تلقينا لا كتابة. وبعد ذلك يترنمون بقصائد كانوا حفظوها من قبل على ذلك الأسلوب، ثم بعدها يقولون جميعا بصوت متساوق لا ترنّم فيه هذه الجمل.

مـدّبـنـا فـي الجنــة واحنـا دايـريـن بيـه
الله يـسقـينـا ويسقيــه من حوض النبي العربي
يـا كبـار ويـا صغــار صلوا على النبي المختار
كـل عشيـة وكـل نهـار محمد شـارق الانـوار
صـلـى الله عـليـه

ثم يقراون الفاتحة ويقبّلون يد المؤدب تباعا وينصرفون. أما أيام الراحة الأسبوعية عندهم فهي عشية الأربعاء وكامل يوم الخميس والجمعة.

والختمات هي بعض سور إذا وصلها التلميذ يبعث المؤدب معه لأهله لوحة مزدانة بالأصباغ الملونة إشعارا بوصول التلميذ لتلك السورة، فيفرح أهله بذلك ويوجه معه وليّه إلى المؤدب شيئا من المال، وربما أتى التلميذ بشئ من الطعام لأبناء كتابه ورغب من المؤدب إطلاقهم يوما أو أكثر مشاركة له في الفرح فيجيبه لذلك.


0 التعليقات:

إرسال تعليق